• أسعار النفط ستواصل ارتفاعها مدعومة بتراجع «الصخري» الأمريكي

    08/02/2015

    ​94 % من منصات "بيكر هيوز" توقفت عن العمل
     محللون: أسعار النفط ستواصل ارتفاعها مدعومة بتراجع «الصخري» الأمريكي
      

    مخزونات النفط الأمريكية ترتفع بشكل قياسي إلى 413.1 مليون برميل.
     
    أسامة سليمان من فيينا
     

    توقع مختصون نفطيون أن يواصل النفط الخام ارتفاعاته في الأسواق العالمية الأسبوع الجاري بعد أن بدأ مرحلة جديدة من التحسن السعري سجل خلالها خام برنت أكبر مكسب له في أسبوعين كاملين منذ 17 عاماً.
    وقال المختصون إن توقف بعض منصات الحفر النفطي في الولايات المتحدة وتجميد بعض الشركات الكبرى لخططها التوسعية الاستثمارية كانا السبب الرئيس في عودة الأسعار إلى الارتفاع، إلى أن شهد منتصف الأسبوع الماضي الإعلان عن وصول المخزونات لمستويات قياسية، ما أدى إلى تراجع طارئ قبل أن تستأنف الأسعار ارتفاعها ومن المتوقع أن يستمر التحسن السعرى في الأسابيع المقبلة.
    وأوضح لـ "الاقتصادية"، أحمد الصادي المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في فيينا، إن الأسعار مرشحة للارتفاع التدريجي لتعويض الخسائر السابقة بعد أن وصلت إلى مستوياتها القصوى في الانخفاض، مشيرا إلى أن أسعار النفط العالمية حققت ارتفاعات متواصلة خلال الأيام العشرة الماضية لكنها توقفت قليلا الأربعاء الماضي بعد تقرير وكالة الطاقة الأمريكية الذي أظهر ارتفاعا قياسيا لمخزونات النفط إلى إجمالي 413.1 مليون برميل فيما يعد أعلى مستوى للمخزونات الأمريكية منذ تجميع البيانات الأسبوعية منذ عام 1982.
    وأضاف الصادي أن العوامل التي تدفع إلى الارتفاع أقوى من العوامل التي تدفع إلى الانخفاض فإذا كان ارتفاع نسبة المخزونات وإضراب عمال مصافى النفط في الولايات المتحدة يدفعان إلى انخفاض الأسعار فإن تقلص المنصات وتخفيض استثمارات الشركات وتراجع الإنتاج الصخري ووصول الأسعار إلى القاع السعرى تدفع بقوة أكبر في اتجاه صعود الأسعار وهو الأمر المتوقع للفترة المقبلة، إلا أن ذلك لن يمنع بعض العثرات المؤقتة من الحدوث.
    واعتبر الصادي أن تعديل السياسات الإنتاجية والاستثمارية للشركات سيظل عاملا بارزا ومؤثرا بشكل أكبر في السوق، موضحا أن توالي إعلان شركات النفط الكبرى خفض النفقات الرأسمالية يدعم الأسعار، حيث أعلن هذا الأسبوع عملاق النفط شركة "بي بي" البريطانية أنها ستخفض نفقاتها الرأسمالية 13 في المائة إلى 20 مليار دولار في 2015، وفي الأسبوع الماضي أعلنت "شيفرون" الأمريكية خفض الإنفاق الرأسمالي 13 في المائة إلى 35 مليار دولار.
    وأوضح الصادي أن تخمة المعروض التي عانتها السوق على مدى الأشهر الماضية كانت بسبب تسارع وتيرة الإنتاج الصخري في الولايات المتحدة، الذي أربك حسابات السوق وقاد إلى انخفاضات حادة ألحقت أضرارا واسعة بمصالح المنتجين في منظمة أوبك وخارجها.
    وأضاف أن هبوط السوق كما كان متوقعا سيصحح نفسه وسيخرج المنتجون الضعفاء وأصحاب التكلفة المرتفعة في الإنتاج لذا سنجد الأسعار تعود إلى الارتفاع بمجرد إعلان شركة بيكر هيوز أن 94 من منصات الحفر النفطي توقفت عن العمل في الولايات المتحدة بنسبة 7 في المائة.
    ولفت الصادي إلى أن استمرار إضراب العاملين في تسع من المصافي الكبرى في الولايات المتحدة كان له تأثير واسع في استقرار السوق ومستوى الأسعار في أكبر بلد استهلاكا للوقود في العالم، حيث إنه يوقف إنتاج نحو 64 في المائة من إنتاج الوقود في الولايات المتحدة.
    من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، رالف فالتمان المختص في شركة اكسبرو الأمريكية، أن هناك بوادر جيدة على إمكانية تحسن الطلب في الفترة المقبلة وهو ما سيقود إلى ارتفاعات سعرية متوقعة، خاصة في الدول المستهلكة الرئيسية في العالم وأكبرها الصين واليابان.
    وأضاف فالتمان أن الأسعار ستوالي التحسن التدريجي إلى قرابة 65 دولارا للبرميل قبل منتصف العام الجاري بفعل تقلص الإنتاج بالتوازي مع نمو الطلب، مشيرا إلى أن الصين وهى أكبر مستهلك للنفط بالعالم اعتمدت إجراءات تحفيزية جديدة لدعم النمو الاقتصادي الأمر الذي عزز من توقعات ارتفاع الطلب على النفط.
    وأوضح فالتمان أن دول "أوبك" وعلى رأسها السعودية والكويت تعتمد على سياسات بيعية مرنة وأقدمت على تخفيضات سعرية جيدة، مشيرا إلى قرار السعودية بخفض أسعار الخام المصدر إلى آسيا لأدنى مستوى له منذ 14 عاما.
    وأشار فالتمان إلى أن "أوبك" تخلت عن أهداف سابقة وهى الحفاظ على مستوى أسعار معين لمصلحة فكرة أقوى وأجدى وهى المحافظة على الحصص السوقية بعدما وجدت أنها أمام طفرة من الإنتاج المتنامي الصخري وغير الصخري من خارج "أوبك"، حيث أصبحت تلك الدول تتحكم في أكثر من ثلثي الإنتاج العالمي.
    وذكر فالتمان أنه في هذا الإطار الجيد والمرن في التعامل مع السوق، ينبغي أن نفسر قرار "أرامكو" بخفض سعر بيع الخام الخفيف إلى آسيا بمقدار 90 سنتا خلال آذار (مارس) المقبل في مقابل رفعه إلى أوروبا بمقدار 70 سنتا ليكون أقل بواقع 2.30 دولار للبرميل عن متوسط خامي عمان ودبي.
    وأوضح لـ"الاقتصادية"، فالنتين بومينوف المحلل الروسي، أن موسكو تواجه أيضاً صعوبات اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط ولكن هذه الصعوبات تمتد أيضا إلى الاتحاد الأوروبي وكل شركائها الاقتصاديين.
    وأشار بومينوف، إلى ما أعلنته شركة "وينترشال" الألمانية للطاقة من أن العقوبات الغربية ضد روسيا أضرت بأوروبا أيضا، كما أضرت بروسيا وأدت إلى الانكماش الاقتصادي الحالي في موسكو وأوروبا نتيجة تقلص التجارة والاستثمارات وبرامج التعاون الاقتصادي الروسي الأوروبي، بعدما أصبحت روسيا تستورد بشكل أقل، ما قلص الصادرات الأوروبية.
    وقال بومينوف إن الأسعار بدأت تصحيح نفسها وتعاود حاليا الارتفاع إلا أن الاقتصاد الروسي يعتمد على أسعار مرتفعة للنفط حتى يتوازن وهو ما أدى إلى إقرار برامج اقتصادية تقلص الاعتماد على النفط الخام وتتوسع في المشتقات النفطية والبتروكيماويات باعتبارها أكثر ربحية ويمكن أن تحقق أرباحا سريعة ومتنامية للاقتصاد الروسي.
    وشدد بومينوف على أهمية أن تستعيد الأسعار عافيتها بسرعة حتى تقل فترة الصعوبات للاقتصاد الروسي، موضحا أن أسعارا عند مستوى يراوح بين 45 و50 دولارا للبرميل لا تعد مربحة، لافتاً إلى أن ما حدث من تقلص في إنتاج النفط الأمريكي سيساعد على تصحيح وضع السوق، خاصة بعد استمرار انسحاب وتوقف منتجي النفط الصخري وهو يصب في مصلحة تقليل الفجوة بين العرض والطلب، حيث من المعروف أن فائض العرض يصل إلى مليونى برميل يوميا.
    وأضاف المحلل الروسي، أنه من الواضح أن كثيرا من الشركات ستقوم بتقليص برامجها الاستثمارية بشكل حاد، مؤكدا أن انخفاض الاستثمارات على المدى القصير سينعكس على العرض في السوق ونتيجة لذلك، ستعود الأسعار للارتفاع دون شك، مشيرا إلى أن الأمر يعد تصحيحا لوضع مضطرب أصاب السوق على مدى الأشهر الماضية وأدى إلى غياب التوازن بين العرض والطلب ودفع إلى مزيد من الانهيارات السعرية.
    وطالب المحلل الروسي، بضرورة التعاون بين جميع المنتجين والمستهلكين على إزالة الاضطرابات في السوق وتحقيق الاستقرار وحماية مصالح الاقتصاد الدولي وضمان حقوق الأطراف كافة دون أن يجور طرف على الآخر.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية